التربية الفنية تُمثل القالبَ التربوي
الوظيفي للفنون التشكيلية، ولها حضورٌ فاعل ونتائج متفردة في شتى جوانب الحياة
ومجالاتها، فهي تُسهم في تهذيب الوجدان والارتقاء بالسلوك الانساني، كما
أنها تساعد في تنمية مهارات التفكير الإبداعي والتفكير الناقد، وتُحفز المهارات
الأدائية والتطبيقات الاحترافية، الجمالية منها والوظيفية النفعية.
وعلى الرغم من أهمية الفنون التشكيلية بممارساتها ومخرجاتها ومردودها
الايجابي في كافة مسارات حياتنا اليومية، وعراقة جوهر وجودها في شتى الحضارات الانسانية
وعلى رأسها الحضارة الإسلامية، إلا أننا نلحظ قصوراً قد ينتاب النظرة المجتمعية
لها، وفتوراً قد يُخيم على واقع الاهتمام والعناية بها؛ فالاهتمام التربية الفنية
كمادة دراسية اساسية لها أهدافها العريضة والتفصيلية، يحتاج إلى مزيد من العناية
الفعلية من قبل المؤسسات التعليمية بالمملكة، وإلى ما يُعزز أهمية مجالات الفن
التشكيلي وقيمتها الواقعية، في نظر وقناعة كثيرٍ من أفراد المجتمع وأطيافه
ومؤسساته، وذلك من خلال التخطيط لمساراتٍ إجرائية تؤدي إلى تناغم التوجهات وتكاتف
الجهود الأدائية التي تواكب معطيات العصر الراهن ومتطلباته، هذا العصر الذي يعج بمقدرات
الثورة المعلوماتية وتقنيات الوسائط المتعددة، ويزخر بشمولية التقدم الاقتصادي
التكنولوجي والاستثماري.
فكثيرٌ من الأفراد وبعض المجتمعات المحلية والعالمية، يشعرون بأهمية الفن ووجوده
في حال واكب واقع حياتهم وأنماط تفاعلاتهم، أو في حال تحقيقه لهدفٍ وظيفي ملموس، فباتوا
يتذوقون القيم الفنية في الموجودات النفعية المصنعة، ويستمتعون بالأبعاد الجمالية
ويدركون المعاني الفنية التعبيرية من خلال الصور المرئية الثابتة والمتحركة، التي
أصبحت تتسيد المشهد الثقافي الإعلامي والاقتصادي الاستثماري وحتى الديني والسياسي،
وتتربع على عتبات المجالات الاجتماعية والتوعية الوقائية والعلاجية، من خلال
العوالم الافتراضية في قنوات التواصل الاجتماعي الرقمي. وذلك لا يعني عدم وجود
نخبة من المهتمين الذين مازالوا يستمتعون بجماليات ومضامين الفنون التشكيلية، ويُدركون
قيمتها لذاتها المنزهة عن الغرض من خلال اللوحة والأعمال التشكيلية في المعارض
الفنية.